الكتاب : بيان الفجر الصادق
بقلم : الشيخ محمد تقي الدين الهلالي
خرج أحاديثه وعلق عليه : أبو الفضل عمر بن مسعود الحدوشي
وقدم له وراجعه فضيلة الشيخ : أبو أويس محمد بوخبزة الحسني

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله- صلى الله عليه وسلم - قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ). وقال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً). وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظيماً). أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد- صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. أما بعد: فهذه هي الرسالة الحادية عشرة من الرسائل التي نخرجها- للقراء الكرام- بعنوان (رسائل توجيهية للشباب في فقه الواقع)، أو (من بحوث العلماء الكبار والمحدثين قديماً وحديثاً). وكان موضوع الرسالة الأولى بيانَ حكم الإسلام للدخول إلى البرلمان بعنوان: (القول السديد في معالم التوحيد). والثانية بعنوان (كيف تفهم عقيدتك بدون معلم؟). والثالثة بعنوان (حكم الصلاة خلف الإمام المبتدع). والخامسة بعنوان: (كتاب حرمت اللجنة طبعه فمن مؤلفه ولم؟). والسادسة بعنوان: (إعلام الخائض بجواز مس المصحف للجنب والحائض). والسابعة بعنوان: (إخبار الأولياء بمصرع أهل التجهم والإرجاء).أو(جمعية الرفق بالطواغيت). والثامنة بعنوان: (المختار من صحيح

(1/6)
الأذكار). والتاسعة بعنوان: (إرشاد السالك إلى حكم من سب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في مذهب مالك). والعاشرة بعنوان: (عند ما يصبح أبو جهل بطلاً قومياً). وهذه الرسالة الحادية عشرة للـ(دكتور). محمد تقي الدين الهلالي –رحمه الله- بعنوان: (كتاب بيان الفجر الصادق). أتى فيها بما يثلج الصدر من الأحاديث الصحيحة المرفوعة، والآثار الموقوفة عن الصحابة- رضي الله عنهم -، وفتاوى كبار التابعين، والأئمة المجتهدين، وهي رسالة نادرة الوجود، جامعة الفوائد والشرائد، والحاجة إليها ملحة، وإن القارئ ليجزم: بأن الزمام قد أُفلت من أيدي الفلكيين والمؤقتين، وأن القطار قد فاتهم قبلُ بصاروخ اسمه: (بيان الفجر الصادق). وأن حيرة الفلكيين واضطرابهم تتلاشى بسهم اسمه: (قلم الهلالي). وقلمه –طبعاً-كان متميزاً بالدقة والعمق، من غير تعسف ولا تكلف ولا تنطع، رقم به كلاماً فطرياً سمحاً، لا زخرف فيه ولا تنميق، كان إذا همَّ بادر، وإذا عزم ثابر، كان أسداً في العزم، غزالاً في السبق، كانت له نفس تواقة، ما نالت شيئاً إلا تاقت إلى ما هو أفضل منه،موضوعنا كان عبقرياً في اللغات: يجيد الإنجليزية، والفرنسية، واللغات الشرقية: التركية، والفارسية، والأردية، لغة باكستان، وغيرها، ولم يكن هدفه بهذه الثقافة العالية(العالمية الحضارية)، التعالي على الناس، واحتقارهم، وازدراءهم، لا أبداً-كان هدفه منها طلب المعرفة من شتى مصادرها، و(الوقوف على ما تركه الإسلام من آثار وبصمات في شعوب فارس والترك وبين مسلمي الهند، فكان يشده إيمانه العميق، وعقيدته الإسلامية المتوقدة إلى البحث والتنقيب والتجوال في هذه الآفاق الإسلامية، فكان نطاق تفكيره عالمياً وليس محلياً)(1)- لا يلحق شأوه في اللغات، وكان ينظم بها-كلها- نُظُماً جيدة، ذكياً كبير الشأن، ولم يكن ضيق الأفق، وكان عبقرياً في الهجو، واسمع إليه وهو يقول
__________
(1) - انظر: (أمم حائرة) (ص: 17). بقلم عبد الوهاب عزام.
(1/7)
–متمثلاً بقول القائل- في حق عبد الحي بن الصديق:
وإن لساني شهدة يشتفى بها وهو على من صبه الله علقم
ويقول عن شيخ صوفي حاقد على السّنّة وأهلها:
أتشتمني يا ابن اللئام بلا سبب وأنت يمين الله قرد بلا ذنب
فلا أنت ذو علم ولا أنت ذو حجى ولا أنت ذو تقوى ولا أنت ذو نسب(1)
وكان واسع العلم بكتب التوحيد، وبعبارة فالشيخ الهلالي عبارة عن جبل نُفخ فيه روح، هذا. وإن (من حسن حظي ودواعي سعادتي أن يجمع الله لي في هذا الكتاب(2) بين أُمنية حبيبة إلى نفسي ألا وهي: أنني كنت أتمنى أن أساعد في نشر أحد كتب هذا الإمام العَلم الهلالي، لما له في نفسي من المنزلة والاحترام والتقدير، فكان هذا الكتاب القيم (بيان الفجر الصادق). ثم إنه مما زادني سعادة وملأني رضاً وشكراً لربي أن كان موضوعه عن أهم ركن من أركان الإسلام، ألا وهي: (الصلاة). بل وأثقلها على المنافق وهي: (صلاة الصبح). كما جاء على لسان رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في عدة مواضع راجعها في الصحاح والسنن والمسانيد والمعاجم والأطراف. وإليك بعضها: وفي صحيح مسلم من حديث جُنْدَبَ بْن عَبْدِ اللَّهِ قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: (مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ فَلا يَطْلُبَنَّكُمُ اللَّهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ فَيُدْرِكَهُ فَيَكُبَّهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ). وله أيضاً من حديث ابْنِ عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه- صلى الله عليه وسلم -: (لاَ يَلِجُ النَّارَ مَنْ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا). يريد: (الفجر، والعصر). وله أن عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي عَمْرَةَ قَالَ: دَخَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ الْمَسْجِدَ بَعْدَ صَلاةِ
__________
(1) - انظر: (كتاب الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة) (ص: 45/57).
(2) -انظر:-مقدمة كتاب (أسماء الصحابة الرواة وما لكل واحد من العدد) لابن حزم (ص: 7/8).
(1/8)
الْمَغْرِبِ فَقَعَدَ وَحْدَهُ فَقَعَدْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه- صلى الله عليه وسلم -ِ يَقُولُ: (مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ). وللشيخين من حديث أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -قَالَ: (مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ). أي: من صلى صلاة الفجر والعصر لأنهما في بردي النهار وطرفيه، ولأنهما تصلَّيان في برد النهار، من أوله وآخره. ولهما أيضاً من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم -: (إِنَّ أَثْقَلَ صَلاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلاةُ الْعِشَاءِ وَصَلاةُ الْفَجْرِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلاةِ فَتُقَامَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لا يَشْهَدُونَ الصَّلاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ). ولهما أيضاً من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -قَالَ: (يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلائِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ وَصَلاةِ الْعَصْرِ ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّون). ولهما أيضاً من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم - قَالَ: (يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاثَ عُقَدٍ
(1/9)
يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ مَكَانَهَا عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلاَّ أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلان). وروى الطبراني في (الكبير) من حديث أبي الدرداء عن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: (مَنْ مَشَى فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ إلَى الْمَسَاجِدِ لَقِيَ اللَّهَ عزّ وَجَلَّ بِنُورٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)(1)وروى أبو داود والترمذي من حديث بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيِّ عَنِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه 



الكتاب : بيان الفجر الصادق
بقلم : الشيخ محمد تقي الدين الهلالي
خرج أحاديثه وعلق عليه : أبو الفضل عمر بن مسعود الحدوشي
وقدم له وراجعه فضيلة الشيخ : أبو أويس محمد بوخبزة الحسني



الكتاب : بيان الفجر الصادق
بقلم : الشيخ محمد تقي الدين الهلالي
خرج أحاديثه وعلق عليه : أبو الفضل عمر بن مسعود الحدوشي
وقدم له وراجعه فضيلة الشيخ : أبو أويس محمد بوخبزة الحسني



الكتاب : بيان الفجر الصادق
بقلم : الشيخ محمد تقي الدين الهلالي
خرج أحاديثه وعلق عليه : أبو الفضل عمر بن مسعود الحدوشي وقدم له وراجعه فضيلة الشيخ : أبو أويس محمد بوخبزة الحسني